بقلم الدكتور نظمي خليل أبو العطا
تعطيل نصف المجتمع (1)
مصطلح تعطيل نصف المجتمع من المصطلحات التي نسمعها ونقرأها كثيراً هذه الأيام، ويعنون بذلك المرأة التي لا تعمل خارج المنزل، وهم يهدفون بذلك إلى الإنقاص من دور المرأة غير العاملة خارج البيت، ويدعونها للخروج حتى أصبح العمل عند بعضهن غاية ومكسب اجتماعي يجب عدم التفريط فيه، ومما يؤسف عليه ارتباط هذا المفهوم بالمرأة في المجتمعات الإسلامية، وفي هذا طعن واضح في الإسلام، من هنا رأيت أن من واجبي أن أشارك في تصحيح هذا الخطأ قدر طاقتي وأبدأ ببيان وضع المرأة في دين الله الإسلام حتى يفهم من لا يعلم أن الإسلام أنصف المرأة.
المرأة في الإسلام
من يدرس حال المرأة في الآيات القرآنية والسنة النبوية المطهرة، وفهم الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعين لهم بإحسان وعدم ابتداع، بعيداً عن التصورات الذاتية والعادات القبلية والاجتماعية في مجتمعاتنا الإسلامية يجد أن للمرأة مكانة عالية نوجزها فيما يلي:
ـ ) ولهن مثل الذي عليهن (:
قال تعالى عن النساء: ) ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ([البقرة: 228].
قال ابن عباس رضي الله عنه: هذه أدَلُّ آية على مساواة الرجل بالمرأة في الإسلام، وعندما فهم الصحابي ذلك قال: إني لأتزين لزوجتي كما أحب أن تتزين لي.
ـ المرأة شقيقة الرجل:
قال صلى الله عليه وسلم: ( النساء شقائق الرجال ). أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد.
ـ المرأة مساوية للرجل في العمل الصالح:
قال تعالى: ) ومن عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب ([غافر: 40].
ـ وقال تعالى: ) فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أنثى بعضكم من بعض ([آل عمران: 195].
إحسان صحبة البنت فضيلة:
ـ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما من مسلم له بنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة ). رواه ابن ماجة. وقال: ( من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله الجنة ) رواه الترمذي.
حق المرأة في العلم مساوٍ لحق الرجل:
ـ قال صلى الله عليه وسلم: ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ). رواه ابن ماجة.
قال شراح الحديث: والمسلم يشمل المرأة والرجل على حد سواء.
ـ قال عروة بن الزبير عن خالته عائشة رضي الله عنها: ما رأيت أحداً أعلم بفقه، ولا بطب، ولا بشعر، من عائشة رضي الله تعالى عنها.
ـ رواة الحديث لم يكذبوا النساء وكذبوا الرجال:
ـ من يطلع على مسانيد النساء وروايتهن للأحاديث يجد أن علماء الحديث لم يكذبوا راوية واحدة للنساء والوضاعون من الرجال كثير، وقد وثق علماء الحديث في رواية المرأة المسلمة خاصة أمهات المؤمنين والصحابيات الجليلات وهذه شهادة عظمى للمرأة المسلمة.
مساواة الرجل بالمرأة في البيعة والأخلاق الكريمة:
قال تعالى: ) يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهن أو أرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله ([الممتحنة: 12].
الأخت مفضلة بنصف الميراث عن أخيها:
يظن الجهلاء أن إعطاء الأخت نصف ميراث الأخ ظُلمٌ للمرأة، وتفضيل للرجل، والواقع الشرعي والاقتصادي يثبت أن في هذا تفضيل للأخت على الأخ فالأخت تأخذ نصف أخيها خالصاً لها بلا تبعات أو تكاليف اجتماعية وأسرية، وعلى الرجل أن يعطيها من نصيبه المهر خالصاً لهات لتضيفه على رصيدها المالي، وعلى الرجل أن يجهز لها البيت بما يليق بها وينفق عليها.
أما الأخ فيأخذ ضعف أخته ومن هذا الضعف يدفع المهر لزوجته، ويهيأ لزوجته السكن والإنفاق.
من هنا لو حسبنا العملية اقتصادياً ورياضياً وواقعياً لعلمنا أن مساواة الأخت بأخيها في الميراث، والواجبات الزواجية والاجتماعية فيه انقاص لحق المرأة، إذ عليها أن تدفع المهر كما في الهند أو لا تأخذه، وتشارك في تأسيس البيت والإنفاق والواجبات الاقتصادية وهذا يستهلك مالها.
المرأة في الإسلام ملكة:
درست حال المرأة في الإسلام لسنوات عدة خلصت في النهاية أن المرأة في الإسلام ملكة، وهذه بعض الأدلة:
ـ الملكة لا تعمل خارج بيتها وخليتها وللأن لم نرَ ملكة في العالم تعمل خارج بيت الملك، والمسلمة لا تعمل خارج مملكتها ( بيتها ) فهي ملكة حقيقية.
ـ الملكي تخرج من بيتها في حراسة حماية لها، والمسلمة لا تخرج من بيتها إلا في حماية المحارم والمجتمع الفاضل ) ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين (.
ـ الملك يهيأ للملكة كل متطلبات حياتها من نفقة وخدم وعمل والرجل في الإسلام يهيأ ذلك لزوجته.
ـ الملكة عادة لا تفارق الملك في أسفاره خارج الدولة، والمرأة في الإسلام يقترن بها زوجها أو من ينوب عنه من محارمها خارج البيت.
ـ الملكات لا يرقصن عاريات ولا يأتين بأعمال تشين الملك والملك، وهكذا المرأة المسلمة.
ـ الملكة والملك يتعهدان الأبناء بالرعاية حتى يهيئونهم لولاية العرش وهكذا أبناء المسلمة والمسلم، وقس على ذلك حتى لا نطيل عليك الحديث.
ـ خرجت امرأة فاعلة ودخلت أخريات أقل منها فاعلية:
ـ يقولون: أن جلوس المرأة في البيت تعطيل لنصف المجتمع، ألم تحضر المرأة العاملة خارج البيت امرأة أخرى (خادمة أو مربية) لتحل محلها في بيتها حال غيابها للعمل خارج المنزل؟!.
ـ وهل الخادمة كالأم في الحنان والعطف والحب والخوف على الأولاد والزوج والبيت؟!.
ـ الم تضع المرأة العاملة خارج البيت أطفالها في الروضة والحضانة مع امرأة أخرى لا تكافى الأم في خصائصها المذكورة سابقاً.
ـ أين التعطيل وأين التفعيل في خروج المرأة للعمل خارج البيت؟.
ـ مفاسد جمة من عمل المرأة خارج البيت:
ـ النساء في العالم الآن يصرخن من أعباء العمل خارج المنزل ومشاكله.
ـ الأبناء يصرخن من خروج أمهم خارج البيت.
ـ المجتمعات تعاني من هجر المرأة للبيت.
ـ الرجال يتحسروا على حالهم بخروج المرأة من البيت.
ـ المخرجات التربوية للتربية الغربية تأكل بعضها البعض بالعنف والقسوة بسبب تخلي المرأة هناك عن دورها الفاعل في البيت.
ـ دور المرأة في البيت أهم:
ـ من السابق نرى أن دور المرأة في البيت أهم وأخطر من دورها خارج البيت. ومفهوم نصف المجتمع معطل هو مفهوم خاطىء نردده إتباعاً للتربية الغربية والثقافة غير الإسلامية.
صور فاضحة من عمل المرأة في العصر الحديث:
من يرى صورة المرأة في المراقص والأغاني، وعلى المجلات، وفي المقاهي والفنادق والمطاعم والاستقبال وفي الإعلانات والأفلام يرى هذه التجارة الرخيصة في جسد المرأة وكرامة المرأة وحرية المرأة المزعومة لصالح فئة تتاجر حتى في أجساد النساء.
ظلم الجاهلين من الرجال دفع المرأة للخروج:
ظلم الرجل الجاهلي في مجتمعاتنا للمرأة واغتصابه حقها في التعليم وحضور مجالس العلم ودروس العلم وسلبها حقها في إبداء رأيها والمشاركة في الحياة العامة بالضوابط الشرعية، وتطويع الرجل الجاهلي لمؤسسات المجتمع لأهوائه، واستعلائه على زوجته وابنته وأخته وعمته وخالته وجدته بالباطل أفقد المرأة المسلمة دورها الفاعل الذي مارسته في الحضارة الإسلامية فجاءت مقولة تعطيل نصف المجتمع ردّاً على هذا الظلم الفاضح.
تفعيل المجتمع كله وتكامله:
إن إعطاء المرأة المسلمة حقوقها الشرعية بفعل دورها في المجتمع ويقويه، وهذا ما يجب أن نسعى إليه لا أن نرهقها ونحملها فوق طاقتها.
تباين الخصائص للتكامل لا للتناحر:
خلق الله الخصائص الحيوية والنفسية والبدنية بين المرأة والرجل متبابنة ليتكامل دورهما مع بعضهما البعض، فالرجل ليس كالمرأة، والمرأة ليست كالرجل ولكن أيهما دوره أهم؟ هذا ما تعجز البشرية عن الوصول إليه، ويكفي قول الله تعالى: ) بعضكم من بعض (. تدليلاً على التكامل والتآلف بين الاثنين فهل بعد ذلك نقول: أن وجود المرأة المسلمة في مملكتها يعطل نصف المجتمع؟!!.
ما لكم كيف تفكرون؟!!.