أحكام في الرقى والتمائم
1ـ الرقى
جمع رقية وهي العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات ويسمونها العزائم وهي على نوعين:
النوع الأول: ما كان خاليا من الشرك بأن يُقرأ على المريض شيء من القرآن أو يعوذ بأسماء الله وصفاته فهذا مباح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رقى وأمر بالرقية وأجازها، فعن عوف ابن مالك قال: كنا نرقى في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعرضوا على رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا". قال السيوطي: وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن تكون بكلام الله أو بأسماء الله وصفاته. وأن تكون باللسان العربي وما يعرف معناه، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها. بل بتقدير الله تعالى [فتح المجيد 135]. وكيفيتها: أن يقرأ وينفث عل المريض، أو يقرأ في ماء ويسقاه المريض، كما جاء في حديث ثابت بن قيس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح ثم نفث عليه بماء وصبه عليه).
النوع الثاني: ما لم يخل من الشرك وهي الرقى التي يستعان فيها بغير الله من دعاء غير الله والاستغاثة والاستعاذة به، كالرقى بأسماء الجن أو بأسماء الملائكة والأنبياء والصالحين.
فهذا دعاء لغير الله وهو شرك أكبر. أو يكون بغير اللسان العربي أو بما لا يعرف معناه لأنه يخشى أن يدخلها كفر أو شرك ولا يعلم عنه فهذا النوع من الرقية ممنوع.
2ـ التمائم
وهي جمع تميمة وهي: ما يعلق بأعناق الصبيان لدفع العين وقد يعلق على الكبار من الرجال والنساء وهو على نوعين:
النوع الأول هن التمائم:
ما كان من القرآن- بأن يكتب آيات من القرآن، أو من أسماء الله وصفاته ويعلقها للاستشفاء بها فهذا النوع قد اختلف العلماء في حكم تعليقه على قولين:
القول الأول: الجواز وهو قول عبد الله بن عمر بن العاص وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد بن حنبل في رواية عنه وحملوا الحديث الوارد في المنع من تعليق التمائم على التمائم التي فيها شرك.
القول الثاني: المنع من ذلك وهو قول ابن مسعود وابن عباس وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه وجزم بها المتأخرون واحتجوا بما رواه ابن مسعود رضى الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أن في الرقى والتمائم والتولة شرك). التولة: شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته.
وهذا هو الصحيح لوجوه ثلاثة:
الأول: عموم النهي ولا مخصص للعموم.
الثاني: سد الذريعة فإنها تفضي إلى تعليق ما ليس مباحا.
الثالث: أنه إذا علق شيئا من القرآن فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك [فتح المجيد 136].
النوع الثاني من التمائم:
التي تعلق على الأشخاص ما كان من غير القرآن- كالخرز والعظام والودع والخيوط والنعال والمسامير وأسماء الشياطين والجن والطلاسم، فهذا محرم قطعا وهو من الشرك لأنه تعلق على غير الله سبحانه وأسمائه وصفاته وآياته، وفي الحديث: (من تعلق شيئا وكل إليه) أي وكله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلقه، فمن تعلق بالله والتجأ إليه وفوض أمره إليه كفاه وقرب إليه كل بعيد وشر له كل عسير، ومن تعلق بغيره من المخلوقين والتمائم والأدوية والقبور وكله الله إلى ذلك الذي لا يغني عنه شيئا ولا يملك له ضرا ولا نفعا فخسر عقيدته وانقطعت صلته بربه وخذله الله.
والواجب على المسلم المحافظة على عقيدته مما يفسدها أو يخل بها فلا يتعاطى مالأ يجوز من الأدوية ولا يذهب إلى المخرفين والمشعوذين ليتعالج عندهم من الأمراض لأنهم يمرضون قلبه وعقيدته، ومن توكل على الله كفاه.
وبعض الناس يعلق هذه الأشياء على نفسه وهو ليس في مرض حسي وإنما فيه مرض وهمي وهو الخوف من العين والحسد، أو يعلقها على سيارته أو دابته أو باب بيته أو دكانه. وهذا كله من ضعف العقيدة وضعف توكله على الله وان ضعف العقيدة هو المرض الحقيقي الذي يجب علاجه بمعرفة التوحيد والعقيدة الصحيحة.