الرد على أكذوبة النصارى بأن الرسول قد اقتبس من شعر امرىء القيس الجاهلي
لقد أثار بعض الفجرة من النصارى قضية أبيات منحولة إلى إمرؤ القيس الشاعر الجاهلي , بأن نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قد اقتبسها ووضعها بالقران , في محاولات مستميتة منهم للطعن في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ,ومحاولاتهم بدأت مع بداية بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم ولم تنل من الإسلام شيئا ولن تنل من الإسلام شيئا فإن الله قد تكفل لنا بحفظ كتابه حتى قيام الساعة , فلا خوف على كتاب الله أن يصيبه التحريف أو التبديل سواء نصاً أو معنى , كما أصاب كتب النصارى أو اليهود . وكان من نتيجة ادعاء هؤلاء الجهلة ذلك وغيره , أن إنبري عدد من المسلمين للرد على مزاعم هؤلاء , وتفنيد شبهاتهم , وبهذا يحدث التأييد والنصرة لهذا الدين على يد هؤلاء السفهاء من حيث لا يعلمون .
وأنا أصف هؤلاء الجهلة بما وصف به إمرؤ القيس حمارا حيث قال :
يوارد مجهولات كل خميلة ******** يمج لفاظ البقل في كل مشرب
فهم يردون الخمائل وهي الحدائق وأعني بها الكتب والتراث ولكنهم كالحمار لا يحسنون شم الورود بل فقط إفسادها بأكلها ثم يردون الماء الذي هو سبيل الحياة ولا يحسنون سوى مج بقايا الطعام الذي هو البقل من أفواههم الى الماء فهم دائما يكدرون صفاء الماء ويتلفون جمال الحدائق , فتراثنا جميل كخميلة ولكن هؤلاء يختارون منه ما يوافق كفرهم ليشوهوا به صفاء عقيدتنا
بحثت عن أصل لتلك الأبيات المدعاة فلم أجد لها ذكرا , ولكن للأمانة العلمية فقط أسوق مصدراً واحداً وردت فيه على سبيل ما ينسب ويدعى لإمرؤ القيس , ففي كتاب فيض القدير شرح الجامع الصغير للإمام المناوي وردت تلك الأبيات في سياق تعريفه لأمرؤ القيس وأنها تنسب إليه ولم يتعرض الإمام المناوي لها (لمن لا يعلم فالامام المناوي متوفى عام 1029هـ), ولم ترد تلك الأبيات في ديوان إمرؤ القيس بطبعاته المختلفة . فمن هو امرؤ القيس المقصود , والذي يعنيه جهلة النصارى أنه صاحب تلك الأبيات , فلدينا الكثير من الشعراء ممن يحملون اسم امرؤ القيس بعضهم جاهلي , وبعضهم إسلامي فأيهم يعنون ؟؟؟ بالطبع هم أجهل من أن يعلموا ذلك .
1- الجاهلي :
أ- إمرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي , شاعر جاهلي وهو أشهر الشعراء على الإطلاق , يماني الأصل مولده بنجد , كان أبوه ملك أسد وغطفان , وأمه أخت المهلهل الشاعر , قال الشعر وهو غلام وجعل يشبب ويلهو ويعاشر صعاليك العرب , فبلغ ذلك أباه فنهاه عن سيرته فلم ينته , فأبعده الى حضرموت , موطن أباه وعشيرته وهو في نحو العشرين من عمره عاش من سنة 130 قبل الهجرة الى سنة 80 قبل الهجرة وهو المقصود في بحثنا هذا حيث نسبوا إليه الأبيات المدعاة .
ب- إمرؤ القيس السكوني وهو شاعر جاهلي اسمه امرؤ القيس بن جبلة السكوني وهو ممن لم يصلنا الكثير من شعره
ج- إمرؤ القيس الكلبي هو إمرؤ القيس بن حمام بن مالك بن عبيدة بن عبد الله وهو شاعر جاهلي عاصر المهلهل بن ربيعة .
د- امرؤ القيس الزهيري وهو امرؤ القيس بن بحر الزهيري شاعر جاهلي وأيضا هو ممن وصلنا القليل من شعره
2- الإسلامي
أ- وهو امرؤ القيس بن عابس بن المنذر بن امرئ القيس بن السمط بن عمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتح بن معاوية بن الحارث بن كندة الكندي. وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وثبت وعلى إسلامه ولم يكن فيمن ارتد من كندة وكان شاعراً نزل الكوفة وهو الذي خاصم الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للحضرمي: " بينتك وإلا فيمينه قال: يا رسول الله إن حلف ذهب بأرضي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مالاً لقي الله وهو عليه غضبان فقال امرؤ القيس: يا رسول الله ما لمن تركها وهو يعلم أنها حق قال: " الجنة " قال: فأشهدك أني قد تركتها له " ومن شعر امرئ القيس هذا :
قف بالديار وقوف حابس********* وتأن إنك غير آيس
لعبت بهن العاصفات***********الرائحات من الروامس
ماذا عليك من الوقوف*********بهالك الطللين دارس
يا رب باكية علي*********ومنشد لي في المجالس
أو قائل: يا فارساً *********ماذا رزئت من الفوارس
لا تعجبوا أن تسمعوا *********هلك امرؤ القيس بن عابس
ونحن نظن أن هذا هو قائل تلك الأبيات المنسوبة الى إمرؤ القيس الجاهلي فلننظر إلى هذا الشعر والشعر المدعى لامرؤ القيس الجاهلي ونر مدى التشابه والتطابق بينهما وانظر الى ما سنسوقه لاحقاً من أبيات امرؤ القيس الجاهلي وما بينهما من بعد الشقة في اللفظ والنظم , وكلاهما امرؤ القيس .
النص المدعى
دنت الساعة وانشق القمر*********عن غزال صاد قلبي ونفر
أحورٌ قد حِرتُ في أوصافه*********ناعس الطرف بعينيه حوَر
مرّ يوم العيد بي في زينة*********فرماني فتعاطى فعقر
بسهامٍ من لحاظٍ فاتك*********فرَّ عنّي كهشيم المحتظر
وإذا ما غاب عني ساعة*********كانت الساعة أدهى وأمر
كُتب الحُسن على وجنته*********بسحيق المسك سطراً مختصر
عادةُ الأقمارِ تسري في الدجى*********فرأيتُ الليل يسري بالقمر
بالضحى والليل من طرته*********فرقه ذا النور كم شيء زهر
قلت إذ شقّ العذار خده*********دنت الساعة وانشق القمر
وبكتاب إعجاز القران للإمام الباقلاني فصل كبير للمقارنة بين الشعر والقران وخصص منه الباقلاني جزءا كبيراً لشعر إمرؤ القيس وتعرض فيه بكل أمانة لمسألة الفرق بين الشعر والقرآن , فهل لم يصل هذا الشعر إلى الإمام الحافظ أبي بكر الباقلاني ليرد عليه ويشمله ببحثه .
يتبع....